الإمارات اليوم

تدريبات «حزب الله» تقوّض سلطة الدولة اللبنانية

*عدنان ناصر

خال الأيام التي سبقت 25 مايو الماضي، التي تصادف الذكرى السنوية لانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، قام حزب الله بسلسلة من المناورات الواضحة للغاية. وتضمن عرض القوة وجود المئات من المقاتلن الذين يحملون الذخرة الحية والأسلحة المتطورة مثل التي يستخدمها الجيش الوطني، باستثناء أنه ليست القوات المسلحة اللبنانية هي التي قامت بهذه التدريبات وإنما مجرد حزب سياسي بجناحه المسلح. ويرى البعض في لبنان، أن هذا الحادث شكل احتقاراً صارخاً لسلطة الدولة اللبنانية والقانون الدولي. ولطالما وضعت قضية «ما الذي يمكن فعله إزاء أسلحة حزب الله؟»، على الرف خوفاً من حدوث اضطرابات داخلية. ويدعي حزب الله أنه يحتاج هذه الأسلحة للدفاع عن لبنان ضد إسرائيل. ولكن آخرين يقولون إنه مجرد كام لاستهاك، وإن الحزب يريد هذه الأسلحة من أجل الحفاظ على الحصانة إزاء قانون الدولة.

واستمر هذا الجدل منذ عقود، وليس هناك أية بوادر حالية لوجود أي إمكانية لحله. ⬛ أرشيفية

ويذكر أنصار حزب الله خروج إسرائيل عام 2000، كإشارة إلى مررات الحزب لحفاظه على أسلحته. وقال أحد الأشخاص من جنوب لبنان ل «ناشيونال إنترست :» «لا أتذكر أن الجيش اللبناني حارب إسرائيل. فقط حزب الله هو الذي قام بذلك» ويتذكر آخرون أفعال حزب الله في السابع من مايو عام 2008 عندما استولى الحزب على نصف بروت في تحد سافر للحكومة إثر خافه معها حول إخضاع شركة الاتصالات، ويشرون إلى هذا الحادث باعتباره مثالاً على انعدام الثقة بالحزب. استنكر سياسيون وأعضاء في الأحزاب السياسية المختلفة المعارضة لحزب الله والمدافعة عن سيادة الدولة، التدريبات العسكرية لحزب الله. واعترف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بأن هذه المناورات تمثل تحدياً لدور الحكومة في الدفاع عن لبنان، ولكنه أردف قائاً إن الوضع معقد جداً بالنسبة للدولة كي تعمل وحدها. وقال ميقاتي «ترفض الحكومة اللبنانية أي عمل من شأنه أن ينتقص من سلطة الدولة أو سيادتها، ولكن قضية ساح حزب الله تتطلب إجماعاً وطنياً شاماً». وتساءل البعض عن الدافع والتوقيت وراء تدريبات حزب الله. وتساءل العضو المستقل في الرلمان اللبناني نجات صليبا عن السبب الذي جعل حزب الله يقوم باستعراض للقوة الآن، إذا كانت إسرائيل ولبنان قد اتفقتا العام الماضي على عدم استخدام العنف جزءاً من صفقة للحدود البحرية تم التوصل إليها عر التفاوض. وأضاف صليبا «أريد أن أسال حزب الله عما إذا كانت هذه التدريبات العسكرية تتماشى أو تتعارض مع الصفقة التي وقع عليها من أجل الحدود البحرية. ألم يوقعوا على اتفاق بعدم استخدام العنف؟ وإذا كان الأمر كذلك، لماذا يستعرضون قوتهم داخل لبنان؟». وعلى الرغم من أنه ليس اتفاق سام، فقد وقع الحزب وإسرائيل اتفاق حدود بحرية عام 2022 تم بوساطة إدارة الرئيس جو بايدن. ولهذا فقد فسر البعض هذه التدريبات واستعراض القوة باعتبارها طريقة الحزب في تذكر معارضيه الداخلين بمن الذي يملك القوة في لبنان.

ويعتر ميشال معوض، المرشح الرئاسي السابق والحاصل على أعلى الأصوات في الرلمان، إصاحياً ومعارضاً كبراً لحزب الله. ودان معوض الألعاب الحربية مشراً إلى أنها تعقد من أزمات لبنان وتجعلها

عصية على الحل.

وقال معوض «كيف سيتمكن لبنان من الخروج من نفق الانهيار، ويعيد بناء الدولة، والمؤسسات، والاقتصاد، وينفذ الإصاحات المطلوبة، في حن أن حزب الله يواصل العمل بمنطق إخضاع الدولة وانتهاك الدستور وقوانن الجمهورية اللبنانية؟» ويعتر حزب الله معوض هدفاً استراتيجياً، حتى لو كان رمزياً فقط.

ولكن معوض ليس وحده الذي يفكر بهذه الطريقة، فهناك أشرف ريفي، وهو جرال متقاعد من الأمن الداخي، والذي قال إنه والآخرين من كتلة المعارضة سيواصلون دعم معوض من أجل الوصول إلى الرئاسة. وقال سننتخب فقط رئيساً يبدو مثلنا، ومعوض يبدو حتى الآن هو الأنسب الذي تنطبق عليه هذه الصفات، وريفي عضو في الرلمان ويمثل قائمة الشمال وهي متحالفة مع حزب القوات اللبنانية. وكما هي حال معوض وريفي، دانت القوات اللبنانية تحركات حزب الله في الجنوب. وقال عضو حزب القوات اللبنانية والوزير السابق ريتشارد قيومجيان «لقد ولت أيام الميليشيات. ولدينا جيش وطني يحمل مسؤولية الدفاع عن الدولة» وبالفعل فقد كانت مرحلة الميليشيات هي التي أدت إلى تدمر لبنان خال مرحلة السبعينات والثمانينات حتى توقيع اتفاق الطائف عام 1989. وتنازلت جميع الميليشيات عن أسلحتها، وبدأ البناء التدريجي للقوات المسلحة اللبنانية. وكان حزب الله استثناء عن هذه الميليشيات فقد سمح له ذلك باعتباره حركة مقاومة ضد إسرائيل في الجنوب. ولكن بعد مغادرة إسرائيل، نصب حزب الله نفسه سيداً للمنطقة وحامياً للمجتمع الشيعي.

الجنوب هو المنطقة التي يستمد منها حزب الله قاعدة دعمه الداخي، الأمر الذي يعني أنه يجب معالجة وضع هذه المنطقة إذا كان لابد من إيجاد حل «لقضية حزب الله » وفق مصدر تحدث مع القوات المسلحة الإندونيسية المرابطة في جنوب لبنان كقوات حفظ سام تابعة للأمم المتحدة، حول الوضع الأمني في الجنوب هذه الأيام. وأضاف المصدر «الجنوب مستقر وسيبقى كذلك حتى وقت طويل. ما لم نواجه حسابات خاطئة على نحو مفاجئ من أي جانب. وليس هناك أي طرف له مصلحة أو مستعد لتغير القوانن هناك. وليس من المائم لأي طرف أن يكون له قوات عسكرية، لأسباب عدة. ولكن لبنان في وضع معادٍ لإسرائيل وله الحق في الدفاع عن أراضيه، بما فيها أن يكون له مقاومة، خصوصاً عندما تكون هذه المقاومة شرعية وفق البيانات الوزارية لعقود عدة وميثاق الأمم المتحدة.»

وفي الواقع، بالنسبة للعديد في الجنوب، فإن حزب الله خدم مصالح الشيعة عن طريق الدفاع عنهم ضد إسرائيل، سواء كانوا من أنصار الحزب أم لا. وكما هي الحال في العديد من الجبهات، يجب على الدولة اللبنانية أن تكسب ثقة شعبها من جميع الطوائف، وتخدمهم بصورة متساوية.

وما هو مطلوب الآن هو أن يكون هناك قائد جديد يضع قضية أسلحة حزب الله على الطاولة من أجل التفاوض عليها. ولهذا فإن الرلمان بحاجة إلى استئناف دوره من خال كونه ممثاً لإرادة الشعب وانتخاب رئيس جديد. ولكن متى سيحدث ذلك؟، لا أحد يعلم.

الرد المحلي على أفعال الحزب استنكر سياسيون وأعضاء في الأحزاب السياسية المختلفة المعارضة لحزب الله والمدافعة عن سيادة الدولة، التدريبات العسكرية لحزب الله.

الجنوب هو المنطقة التي يستمد منها حزب الله قاعدة دعمه الداخلي، الأمر الذي يعني أنه يجب معالجة وضع هذه المنطقة إذا كان لابد من إيجاد حل «لقضية حزب الله .»

كما هو الحال في العديد من الجبهات، يجب على الدولة اللبنانية أن تكسب ثقة شعبها من جميع الطوائف، وتخدمه بصورة متساوية.

الوضع في الجنوب

*صحافي ومحلل سياسي مستقل يركز على قضايا الشرق الأوسط.

ترجمة: حسن عبده حسن

⬛ عن «ناشيونال إنترست»

News

ar-ae

2023-06-05T07:00:00.0000000Z

2023-06-05T07:00:00.0000000Z

https://epaper.emaratalyoum.com/article/282046216488283

Al Bayan