الإمارات اليوم

فنانون إماراتيون: مسرحنا الجماهيري في «غيبوبة»

البعض انغمس في التباهي والمبالغة في السينوغرافيا والرؤية البصرية على حساب التناولات الهادفة. الفرق المسرحية في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي استطاعت بالفعل تشكيل قاعدة شعبية كبيرة.

حياة الحرزي ⬛ دبي

هذه النوعية من الأعمال التي اعتمدت في مجملها على النص والاستعراض وأسماء نجومها الامعة».

وأكمل «لا شك أن العمل المسرحي الجيد يحتاج إلى ميزانية مالية عالية، يجب أن تتكفل بها المؤسسات الثقافية، لأن الأمر يتعلق باختيار نص جيد، وتقديم موضوع اجتماعي يقرب من الجمهور، مثلما حدث في مسرح أم القيوين الوطني، الذي استطاع تقديم أعمال مسرحية بالجملة، اجتذبت الجمهور، وحصدت العديد من الجوائز المهمة».

نماذج ناجحة

من ناحيته، توقف الكاتب والفنان الإماراتي عبدالله صالح عند تجربة مسرح دبي الشعبي «الوطني حالياً» في فرة التسعينات من القرن الماضي، ونجاحه في تقديم سلسلة أعمال جماهرية ناجحة مثل «أبومحيوس في بتايا»، و«أبومحيوس في ورطة،» و «أبومحيوس 97 »، و«أبومحيوس في المجلس الوطني»، مشراً إلى تغر الظروف والإمكانات الفنية التي

فرضت الاستعانة بوسائل التواصل الاجتماعي للرويج للتجارب المسرحية ذات الطابع الجماهري.

وأضاف «كما يقال، لكل زمان دولة ورجال، وفي هذه الفرة، أعتقد أن جيل الشباب من الفنانن هو الأقدر اليوم على تشكيل المشهد من جديد، ومتابعة المسرة وإعادة الجمهور إلى المسرح، بالاعتماد على أدوات وتقنيات جديدة أبرزها وسائل التواصل الاجتماعي، التي باتت الحيز الأمثل لاجتذاب الجمهور وإعداده من ثم لتجارب الفرجة المسرحية. ويمكنني التوقف هنا عند تجربة مروان صالح ابني الذي نجح بذكاء مع كثرين من أبناء جيله من المبدعن أمثال أحمد مال الله وموسى البقيشي وآخرين، في تطويع هذه الوسائل التقنية الحديثة للرويج لأعمالهم المسرحية التي حققت النجاح الجماهري المفاجئ لدرجة نفاد تذاكر العرض المسرحي وتهافت الجمهور على متابعتها باهتمام، في ظاهرة يجدر التوقف عندها ودراستها، للوقوف على أهم وأنسب السبل لإعادة ألق المسرح الإماراتي بكل أطيافه.»

«لماذا تراجعت عروض المسرح الجماهري في الدولة؟».. سؤال يحمل الكثر من عامات الاستفهام التي نقلتها «الإمارات اليوم» إلى فنانن ومبدعن مهمومن ب«أبوالفنون»، اتفقوا جميعاً على أن المسرح الجماهري يعاني، ويعيش أزمة وغيبوبة حالياً، مقارنة بما حققه من نجاحات سابقة، وتقديمه عروضاً ناجحة استمرت فرات طويلة، واستقطبت الجمهور.

وأكد المسرحيون أن «أبوالفنون» لا يعيش بمعزل عن جمهوره الذي يقدم بالأساس له، مشرين أيضاً إلى العقبات المعهودة من غياب الدعم المادي، وتراجع الأقام المبدعة، والمبالغة في الرؤية البصرية على حساب المضمون من جهة أخرى الذي أوقع المسرح الإماراتي في فخ «غيبوبة الصورة»، في الوقت الذي أسهمت فيهمواقع التواصل الاجتماعي التي غزت المشهد في هجران البعض للمسرح، وتقلب اهتمامات عشاقه.

«غيبوبة الصورة»

واستعرض الكاتب والممثل والمخرج الإماراتي، ناجي الحاي، المراحل التاريخية الأهم للمسرح الإماراتي الذي انطلق ببداية مبشرة، على حد تعبره، في السبعينات، مع المخرج الكويتي الراحل صقر الرشود، الذي استطاع التأسيس لنقلة نوعية فاعلة في «أبوالفنون»، بعد أن اتكأت أعماله التي نجحت باقتدار في شد الجمهور المحلي، على رقي المضامن وجماليات الطرح.

وأضاف الحاي «لا شك أن الاستعانة بالتجارب الفنية العربية بعد توجه وزارة الثقافة نحو عدد من المخرجن العرب، قد أسهمت في استفادة جيل المسرحين الشباب آنذاك منها بالشكل المطلوب، لكنها أسهمت أيضاً في ابتعاد الجمهور عن المسرح، نتيجة طرحه لأفكار وموضوعات مستوردة، دخيلة عن المشهد المحلي وواقع أهله».

وأضاف «استمرت تجربة ابتعاد الجمهور الإماراتي عن المسرح خال الثمانينات، وصولاً إلى فرة التسعينات التي شهدت انفراجة

واضحة، توازت مع تجربة تقديم مسرحية )حبة رمل( في عام 1990، التي قدمت للخشبة موضوعات ورؤية فنية مجددة بالكامل، فيما شكل عرضها لمدة أسبوعن خال شهر رمضان تحدياً جديداً أسهم في استكمال جميع عناصر نجاحها.»

واعتر الحاي مسرة المسرح الإماراتي في تلك الفرة «مصالحة فعلية مع الجمهور بطريقة تنويرية، انطلقت بتقديم أعمال مسرحية متميزة مثل مسرحية )جميلة( للكاتب والإعامي جمال مطر، وغرها من تجارب الكتّاب الإماراتين التي أصبحت عامات فنية فارقة في تلك الفرة .»

وبرر هذا الراجع بمصطلح «فرد العضات»، الذي مارسه بعض المسرحين من ناحية الاهتمام بالرؤية البصرية على حساب المضمون، ما أدخل المسرح الإماراتي في ما اعتره الحاي «غيبوبة الصورة»، التي سرعان ما أصبحت الشغل الشاغل للمهتمن بالمجال والناشطن فيه، الذين انغمس معظمهم في التباهي والمبالغة في السينوغرافيا والرؤية البصرية على حساب التناولات الهادفة.

وأكمل «مازلت أرفض مصطلح المسرح النخبوي، وأعتره )حجة الفاشلن(، وحبيس المخترات الإبداعية فحسب، فالمسرح الحقيقي يجب أن يكون جماهرياً ومتصاً اتصالاً وثيقاً بالناس والمجتمع .»

وأكد على قيمة وعي المسرحين الإماراتين بأهمية تغير أدواتهم، والتخلص من عقدة الدعم الحكومي، والاقتداء في هذا بتجارب معظم الفرق المسرحية حول العالم، وتجاوز هذه الاتكالية الثقافية.

تجارب متميزة

من جانبه، ربط الكاتب الإماراتي جمال سالم تراجع المسرح الجماهري الإماراتي بتجربة الاحتفاء بالمسرح في فعاليات مثل أيام الشارقة المسرحية، التي وإن وجدها تدفع عجلة الإنتاجات، فإنها تسهم في المقابل، في الركيز على نمط مسرحي محدد على حساب الأعمال المسرحية الجماهرية، ما أفقد المسرحين الإماراتين القدرة على تقديم أكر من عمل واحد، على اعتبار أن هذه الفعالية المسرحية مدعومة من قبل دائرة الثقافة بالشارقة، وتقدم مجموعة من الجوائز والدعم المادي للفرق.

وأضاف «أتمنى أن تتحول أيام الشارقة المسرحية إلى فعالية تقام كل عامن، حتى يتسنى للمسرحين الإماراتين تقديم أعمال جماهرية حقيقية، وإتاحة الفرصة لكتّاب المسرح في الإمارات لخوض تجارب جديدة، والارتقاء إلى مستويات فنية وجمالية أبعد من أجواء المنافسات في أيام الشارقة المسرحية .»

وحول ما إن كانت ندرة المؤلفن المسرحن وراء تراجع المسرح الجماهري في الإمارات، قال سالم «بالعكس أعتر إسماعيل عبدالله أفضل كاتب على مستوى الوطن العربي، فهو صاحب بصمة واضحة ولافتة، هذا إلى جانب آخرين ذوي تجارب فنية ناجحة في المجال با شك، أمثال جمال مطر وناجي الحاي وعبدالله صالح.»

أسباب متعددة

بينما رأى الفنان الإماراتي سعيد سالم، مؤسس مسرح أم القيوين الوطني ورئيس مجلس إدارته، أن المسرح الجماهري يحتاج إلى ميزانيات مالية كبرة، مقارنة بالأعمال النخبوية التي يتم تقديمها للمشاركة في أيام الشارقة المسرحية، نظراً للميزانية التي تم رصدها من قبل دائرة الثقافة في الشارقة لهذه الأعمال، مشدداً على ضرورة بحث الفرق المسرحية الإماراتية عن مصادر استثمارية جديدة، في ظل عدم إسهام رجال الأعمال والمصارف العاملة في الدولة في دعم المشروعات الإبداعية والفنية.

وأضاف «في بداية تأسيس الفرق المسرحية في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، استطعنا تشكيل قاعدة جماهرية كبرة، لكن في ظل قلة الموارد المالية، بدأ عدد الأعمال المسرحية يتقلص، بالتزامن مع دخول الأعمال الكوميدية التي قدمها عدد من النجوم الخليجين، أمثال طارق العلي وحسن البام وداوود حسن، علماً بأن الجمهور أقبل على ‪PRINTED AND DISTRIBUTED BY PRESSREADER‬ ‪PressReader.com +1604278 4604‬ ‪. ORIGINAL COPY‬ ‪. ORIGINAL COPY‬ ‪. ORIGINAL COPY‬ ‪. ORIGINAL COPY‬ ‪. ORIGINAL COPY‬ ‪ORIGINAL COPY‬ ‪COPYRIGHT AND PROTECTED BY APPLICABLE LAW‬

«على المسرحيين الإماراتيين تغيير أدواتهم، والتخلص من عقدة الدعم الحكومي، وتجاوز هذه الاتكالية الثقافية.»

«(الأيام المسرحية( تدفع عجلة الإنتاجات، لكن في المقابل، تركز على نمط محدد على حساب الأعمال المسرحية الجماهيرية.»

«المسرح يحتاج إلى ميزانية عالية يجب أن تتكفل بها المؤسسات، فالأمر يتعلق بنص جيد وموضوع قريب من الجمهور.»

«جيل الشباب من الفنانين هو الأقدر اليوم على تشكيل المشهد من جديد ومتابعة المسيرة وإعادة الجمهور إلى المسرح.»

News

ar-ae

2023-06-05T07:00:00.0000000Z

2023-06-05T07:00:00.0000000Z

https://epaper.emaratalyoum.com/article/281835763090779

Al Bayan